[Kuna-Logo.png] نسيج الصوف يتقدم صناعة الزي التقليدي المغربي دون منافس التاريخ : 19/11/2010 إطبع من عبد الواحد الطالبي الرباط - 19 - 11 (كونا) -- لم تستطع كل أنواع القماش أن تزيح نسيج الصوف التقليدي أو أن تنافسه في أسواق الملابس المغربية التي ما تزال محافظة على هويتها المتوارثة جيلا بعد جيل. وتعرض منسوجات الصوف من الملابس المغربية التقليدية في الأسواق المحلية بأسعار باهظة ومع ذلك يقبل عليها المغاربة الذين لا يقدرون على الاستغناء عن لبسها لاسيما في المناسبات الكبرى والأعياد الدينية والحفلات الرسمية. ويكتسي المغاربة بمنسوجات الصوف وهي أقمشة تكون في أيام الشتاء خشنة وفي أيام الحر تكون ناعمة صيفية وهي للرجال جلباب (الجلابية) وبرنص (سلهام) وبالنسبة للحريم هي حائك (حايك) الذي التحف به أيضا الرجال في الماضي عند دخولهم على السلاطين أو عند خوضهم (الحركة) أو (التبوريدة) وهي حملة قتالية بالبارود على صهوات الجياد والتي أصبحت اليوم استعراضا فلكلوريا. ومنسوجات الصوف صناعة اختص بها نساء المغرب وكانت ربات البيوت يعتبرنها من صميم مهام العناية ببيت الزوجية ورعاية الزوج وعلى أساس مهارتهن فيها تقدر مهورهن في الخطبة عند الزواج ويقاس حذقهن الذي يجتذب العرسان لهن. كانت النساجات ربات البيوت يصنعن الأغطية والأكسية والأفرشة وكلها من صوف الغنم (الودحة) التي تتحول بأياد ناعمة الى "جداول من حرير" والى خيوط من "مخامل الضياء تتحد وتأتلف لتكتب صفحة بيضاء كالشمع" عنوانها أناقة الرجال بغزل النساء في فن العيش في البيت المغربي. وقالت مينة الحضراوي وهي نساجة من إقليم (الجديدة) الساحلي غربي المغرب في حديث اجرته معها وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن النسوة يقمن بعد جز الصوف (الدزازة) بغسله على ضفاف الغدران والأودية وفق طقوس شعبية خاصة تتخللها الترانيم والأهازيج المصاحبة لحركة الأدرع وبأكفها والعصي تخبط الصوف المبلل المشوب برغوة (تيغيشت) وهي عشبة الصابون التي يبيت فيها العهن ليلة كاملة أو أكثر. واضافت أنه بعد أن يجف الصوف تحت الشمس على الصخور والنساء حوله يقلبن الحديث كلما يقلبن خصلات الصوف من الجهة التي جفت إلى الجهة التي ما تزال رطبة وينتقين منها ما يصلح للغزل وما يصلح حشوا للمخدات والفراش. واوضحت أنه عندما يتوافر لدى ربات البيوت المغربية صوف نقي مما يصلح للغزل والنسج يحرصن على خلخلته ب(الخلخال) وهو مشط كبير له خمسة أسنان طويلة كالرماح حتى يتماسك الصوف ويتداخل ثم يسلم الصوف المنفوش الى أداة (القرشال) وهو عبارة عن قبضتين خشبيتين من صفحتين انغرست في باطنيهما مسامير رهيفة كأسنان اللبان تفرك نفشات الصوف العالقة بالمسامير فركا لا تجد منه فكاكا سوى بمهارة وحذق المرأة المغربية الممسكة بقبضتي (القرشال). واوضحت فاطمة زيبوط وهي نساجة تعمل لدى مجمع الصناعة التقليدية في مدينة مراكش في تصريح مماثل ل(كونا) أنه بعد أن تأخذ نفشة الصوف شكلا مربعا على هيئة القرشال وتسمى (الطعمة) تباشر المرأة عملية غزل (الطعمة) بيديها الاثنتين بواسطة المغزل الكبير فتديره على ركبتها اليمنى ورأسه الى الأرض بينما تمسك بالصوف الذي يحوله دوران المغزل إلى خيط مفتول تتحكم بدرجة سمكه مسافة اليد اليسرى عن محور المغزل وقوة الجذب نحو الأعلى. ويستعمل الخيط المفتول كإمداد لخيوط (السدى) في نسج الأفرشة والأغطية والمنسوجات الخشنة المدكوكة للباس وغيره. واوضحت أن (الطعمة) تغزل لنسج الأقمشة الشفافة الصيفية بالمغزل الصغير الذي تديره المرأة على ركبتها وترفعها بيدها اليسرى إلى أعلى بينما باليمنى تفتل خيط (الطعمة) فتلا دقيقا والمغزلة المثبت على قمة هامتها تنتج (السدى) وهي الخيوط الرفيعة الناعمة التي تمثل خيوط الطول في المنسج ويسميها النساجات (الواقف) تمييزا لها عن (الطايح). اما (الطايح) فهو إما (خيوط السدى) نفسها في المنسوجات الجيدة باهظة الثمن كالجلابيب والبرانص الشفافة أو هو (مفتول الطعمة) التي تخترق (السدى الواقف) في المنسج الذي يصنع الملاحف والأغطية (البطانيات) والألبسة الشتوية. واضافت زيبوط أنه قبل نصب المنسج تنتقل النساجات إلى مرحلة (التتريس) اذ يغسلن النساء غزلهن غسلا خفيفا لأنه قد يكون تشرب قليلا من عرق أيديهن أو اصابه من غبار أو وسخ المحيط. وتابعت ان النسوة يضعن الصوف المغزول فوق سلة قصب كبيرة كالهرم مقلوبة على فوهتها وفي بطنها مفحم نار يصعد منه دخان الكبريت المحترق ليتشرب منه الغزل المحاصر تحت غطاء لا ينفذ منه الهواء. وإذا صار الصوف المغزول أبيض يميل الى الصفرة أقامت النساجات المنسج الذي يمتد على طول ثلاثة متر ونيف وعرض يقارب المترين. ويتكون المنسج من عارضتين لهما عيون ينفذ منها خيوط (السدى) وحبال تشد هذه الخيوط إلى العارضتين وركيزتين عبارة عن عمودين تمسك بهما العارضتان التي تنسدل إحداها إلى أسفل فيما تظل شقيقتها معلقة حتى تفرغ الخيوط الملفوفة عليها عند انتهاء عملية النسج. إضافة إلى أربع قصبات عرضها عرض المنسج أو تزيد قليلا و(النيارة) التي هي خيوط صوفية مفتولة سميكة تحكم (السدى) إلى القصب الذي يمر من بين خيوط المنسج المنسدل من العارضة العليا إلى العارضة السفلى مزدوجا كزخات الماء المنحدر من شلال مرتفع لفتح فوهة المنسج المشدود كالوتر بواسطة (العضادات) حتى يلتهم نسيجه مثل فكين في حركة خفض ورفع عندما تتسلل يد النساجة للقصبة تمسك بها أو تطلقها. ويعتبر نصب المنسج أشق مرحلة في صناعة أقمشة الصوف في اللباس المغربي التقليدي الذي يزهو به الرجال والنساء في المناسبات والحفلات والأعياد لأنه يتطلب عددا لا يقل عن ثلاث نسوة فتمسك اثنتان بكل عارضة والثالثة (جراية) تسعى بين الاثنتين على مسافة ثلاثة أمتار ذهابا وإيابا تمد خيوط (السدى) التي تجمع إلى وتد لتكوين كرة الخيوط المغزولة (السدى) التي قد يصل طولها إلى نحو 600 متر. وتنسج ربات البيوت النساجات خيوط الصوف الحريرية بواسطة مشط كلما دق في المنسج أصدر نقرات من خلال أصوات الحلقات المتدلية من أطرافه كأنها صفائح حوافر الخيل في مسير عربة سلطان حديث التتويج. وبلغ اعتناء النساجات المغربية اللواتي أخذ عددهن يتقلص بأناقة المنسوجات الصوفية من لباس وغيره أن أصبحن يشكلن الألوان ويستعملن خيوط الحرير ويبالغن في التشكيل والابداع دون تفريط في أصول فن العيش المغربي غير أن المستقبل في الأسرة المغربية ينذر بسرقة هذه الآلة من أنامل النساء واختفاء الجلباب والبرنص.(النهاية) ع د ط / ز ع ب كونا191127 جمت نوف 10