هيلين دويتش هي محللة نفسية بولندية وزميلة سيغموند فرويد، أسست معهد فيينا للتحليل النفسي في عام 1935، بل هي من أولى الطالبات لدى فرويد، وهي المرأة الأخرى التي كانت جديرة بغيرة آنا فرويد، أرادت هيلين دويتش في البداية أن تصبح حقوقية مثل والدها، وكانت تعتبر نفسها قائدة في حركة تحرر النساء، ولم يكن مألوفا آنذاك أن تكون امرأة طبيبة نفسية، وفي السنوات القليلة التي تلت ذلك وصلت هيلين دويتش إلى ذروة علاقتها بفرويد، ومنذ أوائل العشرينات كانت هيلين تلقب باسم هيلين طروادة الجميلة المتأنقة والغالية على قلب فرويد، ولقد تزوجت عام 1917 من فيليكس دويتش، الذي ارتأى أن يخفي طبيعة مرض فرويد بالمرض الخبيث، وكان هناك أيضا مريض أسماه فرويد بالرجل الذئب أرسله لهيلين دويتش سبب لها الاضطراب بعلاقتها مع فرويد أو بالهمود أي موقف عاطفي أو اتجاه انفعالي ينطوي على الشعور بالقصور وعدم الكفاية واليأس، ولقد راقبت هيلين عن بعد روث برونشفيك وغيرها كمنافسات لها بتجاذبهن الوجداني بتبعية متزايدة لفرويد، وتجلى إسهام هيلين دويتش الخاص في ميدان سيكولوجيا النساء فقد تعاملت مع أفعال الأمومة وانتقدت فرويد الذي رسخ أن الليبيدو ذو طبيعة ذكرية حتما وبالضرورة كما انهال عليها كتاب تحرر النساء باللوم والتوبيخ، فقد كان هدفها هو حث البشر على التخلي عن الوهم بشأن التكافؤ في الفعل الجنسي، وقالت هل يمكن أن نرد نجاح النساء المحللات إلى طبيعة مجتمعنا، الذي أخضع النساء لتربية جعلتهن حساسات تجاه الفروق الانفعالية الدقيقة وجعل الرجال حساسين تجاه عالم السلطة الخارجي؟!

رغم أنه لم يكن النساء في نظر فرويد إلا كائنات دنيا مبهمة الدوافع حسب ثقافة أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر، ومع ذلك فسيرة النساء اللواتي تعرفن بفرويد ودخلن حركته التحليلية النفسية سيرة أيضا للإنجاز الشخصي والفكري الألمعي، سيرة نساء تمكن من حفر أسمائهن بقوة وثقة من خلال أمثولة تحررهن الشخصي كما ذكره بول روزن في كتابه «الحريم الفرويدي» ولا تزال مؤلفات المحللات النفسيات بعيدة عن متناول أيدينا أو حتى في معارض الكتاب، ونعتقد كتب سيمون دي بوفوار وحنة آرنت الأكثر حظا ورواجا في الترجمة العربية.

ثمة انتقاد أيضا لفرويد أنه يتبنى قيما وإيديولوجيا جنسانية تتحيز إلى الرجال في مواجهة الجنس الآخر ويسهم في بناء ميثولوجيا تحاصر المرأة وتعيق تحررها وكانت هذه إشكالية تتراود في أوساط اليسار السياسي ونحن اليوم ما زلنا نناقش «التعليم المشترك» كقضية حتمية تسبب الاختلاط المحرم.

لن أخوض في مرافق وحرم الجامعات، لكن لنتأمل سلوك وتصرفات المراهقين والمراهقات، بل أحيانا الرجال والنساء في الأسواق والأماكن المفتوحة للجنسين البعض يدقق على محاضرة يشرف عليها دكتور بالانضباط ويتناسى «التحرش الجنسي»، الذي قد يحدث في أي مكان، بل نعتقد أن المتعلمين في بيئة مشتركة سلوكهم أو سلوكهن أكثر تهذيبا من الحط بقيمة العلاقة الوظيفية بيّن المرأة والرجل وشكرا.

يعقوب عبدالعزيز الصانع

ylawfirm @

تعليقات

التعليقات:

اضف التعليق

الرجاء كتابة التعليق

شكرًا لتعليقك. سوف يتم نشر التعليق بعد مراجعتنا.

    إظهار جميع التعليقات